Report 1 in Arabic

التقرير الأول: محاكمة عميد سوري بتهمة المساعدة والتحريض على جرائم حرب

صورة من محضر التحقيق في القضية، تظهر حماة وحمص والرستن والحولة بين مدن وبلدات أخرى على الخريطة

في 51 نيسان/أبريل، ستبدأ في محكمة مقاطعة ستوكهولم محاكمة عميد سابق في الجيش السوري متهم بالمساعدة والتحريض على جرائم حرب، من خلال شنّ هجمات عشوائية ضد المدنيين والممتلكات المدنية. العميد السابق هو أعلى مسؤول عسكري سوري رتبةً يُحاكم بتهمة ارتكاب جرائم دولية خطيرة في محكمة أوروبية. هذه المحاكمة هي أيضاً الأولى في أوروبا التي تتعلق بسير الأعمال القتالية في سوريا.

ستراقب “سيفيل رايتس ديفندرز”هذه المحاكمة مباشرة. من قاعة المحكمة طوال فترة المحاكمة، وسوف تنشر تقارير أسبوعية عن المحاكمة باللغة الإنكليزية، وسيتم ترجمتها إلى اللغة العربية.

يصف هذا التقرير الأولي الأحداث التي تجري حولها المحاكمة، وخلفية القضية، ومحتوى لائحة الاتهام المقدمة من الادعاء، والأدلة في القضية، والجدول الزمني للمحاكمة.

الخلفية

في كانون الأول/ديسمبر 0102، بدأت موجة احتجاجات مناهضة للحكومة في تونس، وانتشرت بسرعة عبر أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط. في آذار/مارس 1102، بدأت الاحتجاجات في سوريا ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، الذي تحكم عائلته سوريا منذ عام 1791، وطالبت بعدد من الإصلاحات.

رغم أن الاحتجاجات بدأت سلمية، إلا أن الحكومة ردت عليها عسكرياً وتصاعد هذا الرد مع تزايد المعارضة للحكومة. [1] أنشأت الحكومة “الخلية المركزية لإدارة الأزمات” المعروفة بـ “خلية إدارة الأزمة” في 27 آذار/مارس 1102 أو حوالي ذلك التاريخ، والتي أصبحت مسؤولة عن تنسيق الرد الأمني والعسكري على المظاهرات. [2]  لم ينجح رد الحكومة العنيف في إسكات المتظاهرين، لكنه أدى في النهاية إلى إنشاء معارضة مسلحة، حيث بدأ المنشقون عن الجيش السوري بقيادة دفاع مسلح ضد الحكومة. [3] أسست مجموعة من هؤلاء المنشقين “الجيش السوري الحر” في تموز/يوليو 1102، والذي بدأ بفرض سيطرته على بعض المدن والمناطق. بحلول أواخر عام 1102، كانت سيطرة الجيش السوري الحر أكثر وضوحا في محافظة حمص، وخاصة في حي بابا عمرو في حمص، الذي تطور ليصبح معقلا للجيش السوري الحر. كما أنشأ الجيش السوري الحر مجلسا عسكريا في بابا عمرو، والذي كان بمثابة هيئة تنسيق محلية. تم الإعلان لاحقاً عن مجالس عسكرية أخرى تابعة للجيش السوري الحر في حماة والرستن بين حمص وحماة في آذار/مارس 2102. [4]

في فبراير/شباط 2102، أطلقت الحكومة عملية استمرت شهراً ضد بابا عمرو، تميزت بالاستخدام المنتظم والممنهج للمدفعية الثقيلة، في حين ظل الحي تحت الحصار بالدبابات وآلاف القوات البرية والمروحيات التي قدمت الدعم الجوي. قبل أيام من الهجوم، أصدرت خلية إدارة الأزمة تعليماتها للقادة العسكريين والأمنيين بـ “اللجوء [] إلى الوسائل المناسبة للحرب النفسية، وإرهاق العدو واستنزافه”. وسط القصف، تم استهداف مواقع مثل المستشفى والمركز الإعلامي المحلي بقذائف إضافية. [5]

في نهاية شباط/فبراير وبداية آذار/مارس، نفذ الجيش السوري الحر انسحابا تدريجيا لتجنب مزيد من إراقة الدماء، مما سمح للقوات الحكومية بدخول بابا عمرو في 92 شباط/فبراير، والاستيلاء عليها في 2 آذار/مارس 2102. قُتل عدد كبير من الأشخاص خلال الحملة التي استمرت شهرا وأسفرت أيضا عن أضرار مادية جسيمة. [6] وفقاً لشهود عيان، تحولت معظم المباني في الحي إلى أنقاض بحلول 1 آذار/مارس 2102. [7]

لم يتوقف العنف عندما دخلت الحكومة بابا عمرو. في آذار/مارس 2102، سجلت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية” ارتفاعاً في حالات الإعدام خارج نطاق القضاء على يد الجيش السوري وقوات الأمن، والشبّيحة (وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى الميليشيات التي ترعاها الدولة التابعة للحكومة السورية، والموالية لعائلة الأسد) بحماية الجيش في عدة أحياء بمدينة حمص. في أيار/مايو 2102، استؤنف القصف العشوائي والمستمر على حمص. [8]

بدأت هجمات الجيش السوري في أجزاء أخرى من سوريا تتبع نفس النمط المستخدم في حمص، حيث تتعرض البلدات والمدن للحصار والقصف الشديد، يليه الاجتياح البري. تحول أسلوب عمل القوات الحكومية المتمثل في دفع المدنيين إلى مغادرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى هجمات مستهدفة ضد المدنيين وتدمير البنية التحتية المادية. [9] شهدت مدينة الرستن، الواقعة بين حماة وحمص، وبلدات في منطقة الحولة على بعد نحو 03 كيلومتر شمال غرب حمص، تكتيكات مماثلة خلال ربيع عام 2102، تمثلت في الحصار والقصف العشوائي والإعدامات خارج نطاق القضاء.

لائحة الاتهام

المدعى عليه متهم بالمساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم حرب بصفته رئيس وحدة التسليح التابعة للفرقة 11 التابعة للفيلق الثالث للجيش السوري في حمص وحماة، وتحديداً في حي بابا عمرو وبلدة الرستن وكذلك في منطقة الحولة بين 1 كانون الثاني/يناير 2102و02 تموز/يوليو 2102.

الأفعال

يقول الادعاء في لائحة الاتهام إن الحرب التي شنها الجيش السوري في حمص وحماة وما حولهما من 1 كانون الثاني/يناير 2102 إلى 02 تموز/يوليو شملت بشكل منهجي هجمات تنتهك مبادئ التمييز والحذر والتناسب بموجب “القانون الإنساني الدولي”. على هذا النحو، كانت الحرب عشوائية وانتهكت “المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف” و “القانون الدولي العرفي”.

ارتُكبت الحرب العشوائية من خلال قيام غير معروفين داخل الجيش السوري بشن هجمات واسعة النطاق بالقوات الجوية والبرية، دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين أو بين الممتلكات المدنية والأهداف العسكرية. بسبب الهجمات، تعرض المدنيون والممتلكات المدنية لأضرار لم تكن متناسبة مع المزايا العسكرية الشاملة والملموسة والفورية التي يمكن تحقيقها بشكل معقول.

المساعدة والتحريض على مثل هذه الأفعال، إذا كانت لها صلة بنزاع مسلح، تعتبر جريمة وفقاً للمادة 6 من الفصل 22 من القانون الجنائي السويدي (في صياغته قبل 1 تموز/يوليو 4102)، والمادة 4 من الفصل 32 من القانون الجنائي السويدي.

يقول الادعاء أيضا في لائحة الاتهام بأن جرائم الحرب يجب اعتبارها خطيرة، لأنها تشمل عدداً كبيراً من الهجمات التي تم تنفيذها بطريقة منهجية واستراتيجية، مما أدى إلى مقتل وإصابة عديد من المدنيين وخسائر فادحة في الممتلكات لها عواقب وخيمة على المدنيين.

وجود نزاع مسلح

لكي يتم تصنيف الأفعال المعنية على أنها جرائم حرب، يجب على الادعاء أن يُظهر أن النزاع المسلح كان جارياً وأن هناك صلة بين الأفعال والنزاع المسلح. ذكر الادعاء في لائحة الاتهام أن النزاع المسلح كان جارياً في الواقع بين الحكومة السورية وعدد كبير من جماعات المعارضة المسلحة في الوقت الذي ارتكِبت فيه الأفعال المعنية. خلصت المحاكم السويدية سابقاً، في قضيتين على الأقل تتعلقان بالجرائم الدولية الأشد خطورة المرتكبة في سوريا، إلى وجود صراع مسلح بحلول أيار/مايو 2102.

دور المدعى عليه ومسؤوليته المفترضتان

خدم المتهم في الجيش السوري حتى 02 تموز/يوليو 2102، ثم انشق عنه. خلال النطاق الزمني للائحة الاتهام، من 1 كانون الثاني/يناير 2102 إلى 02 تموز/يوليو 2102، شغل منصب عميد ورئيس وحدة التسليح في الفرقة 11 من الفيلق الثالث في الجيش السوري. في هذا المنصب، كان أيضاً لديه وظيفة في فريق قيادة الفرقة.

يقول الادعاء في لائحة الاتهام إن المتهم، من خلال منصبه، كان مهماً لعمل التسليح ضمن الفرقة 11 وأن المدعى عليه ساهم في قدرة القيادة العسكرية للفرقة على اتخاذ قرارات استراتيجية وتنفيذ العمليات العسكرية المخططة. على هذا النحو، ساهم في الهجمات العشوائية المذكورة أعلاه، والتي نفذتها الفرقة 11 مع وحدات عسكرية أخرى.

يذكر الادعاء كذلك أن مساهمة المتهم الملموسة تمثلت في مسؤوليته الشاملة عن تسليح الفرقة 11 وفي تنسيقه مع فريق قيادة الفرقة والموظفين المسؤولين عن التسليح داخل كتائب الفرقة المختلفة بشأن القضايا المتعلقة بالتسليح، مثل الحاجة للحصول على الأسلحة والوصول إليها.

بالإضافة إلى ذلك، كان المدعى عليه جزء من فريق قيادة الفرقة على أساس الاحتياجات وقام بتزويد القيادة العسكرية للفرقة بالمعلومات اللازمة فيما يتعلق بتسليح الفرقة. شكل هذا، إلى جانب معلومات أخرى، الأساس للقرارات الإستراتيجية والعملياتية لقيادة الفرقة بشأن العمليات العسكرية.

كما تلقى المتهم أوامر ومعلومات من قيادة الفرقة وقام بإرسال المعلومات حسب الحاجة إلى الوحدات العاملة في الفرقة وشارك في ضمان إمكانية تنفيذ الأوامر المتعلقة بالتسليح. أخيراً، كان مسؤولاً عن التأكد من قيام وحدة التسليح بتنفيذ التزاماتها، مثل تخزين الأسلحة ونقلها وإصلاحها وتسجيل الأسلحة التي يتم إضافتها إلى الفرقة أو التي تمر عبره.

الأدلة

تتكون الأدلة التي سيقدمها الادعاء بشكل رئيسي من أدلة مكتوبة وشهادات مدعين وشهود، بالإضافة إلى بعض الأدلة الفوتوغرافية والفيديو.

الأدلة المكتوبة

ستستخدم التقارير والمذكرات والموجزات الصادرة عن “تشاتام هاوس” و “هيومن رايتس ووتش” و “الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسوريا” لوصف الوضع في حمص وحماة خلال عام 1102، ستُستخدم أيضاً لإثبات وجود نزاع مسلح مستمر في سوريا خلال الفترة الزمنية المعنية (بين 1 كانون الثاني/يناير و1 تموز/يوليو 2102).

لإثبات هيكلية الفرقة 11 ومناطق مسؤوليتها، ودورها في الهجمات التي وقعت في حمص وما حولها، ووظيفة المتهم ومنصبه داخل الفرقة 11، يشير الادعاء إلى معلومات من مقابلة اللجوء التي أجراها المدعى عليه مع وكالة الهجرة السويدية، وتقارير عامة مختلفة، وتقارير “لجنة العدالة والمساءلة الدولية”، ووثائق صادرة عن الحكومة السورية، وردود الحكومة السورية على تقارير لجنة التحقيق المعنية بسوريا، ومقالات صحفية، ومقاطع فيديو وصور فوتوغرافية تظهر أي من المصابين المدعين أو الشهود أو حالة الرستن والحولة وبابا عمرو خلال الفترة الزمنية المعنية.

المدعون

يوجد حاليا 8 مدعين في القضية. دُمرت منازل عديد من المدعين نتيجة للهجمات، في حين أصيب مدعون آخرون بجروح أو فقدوا أفراداً من عائلاتهم بسبب الهجمات. سيتم الاستماع إلى المدعين أثناء المحاكمة حول ما شهدوه حول وجود وسلوك الجيش السوري في حمص وحماة وما حولهما خلال الفترة الزمنية المعنية، وحول وجود هجمات عشوائية من قبل الجيش أدت إلى إلحاق أضرار بالمدنيين وتدمير الأعيان المدنية، وأيضاً عن الضرر الذي لحق بهم.

الشهود

يوجد حاليا 51 شاهدا في القضية التي قدمها الادعاء. يمكن وصف الشهود تقريبا بأنهم ينتمون إلى ثلاث فئات مختلفة.

الفئة الأولى: شهود عيان يمكنهم التحدث عن الأحداث التي وقعت في حمص والرستن وبابا عمرو في الفترة من 1 كانون الثاني/يناير إلى 1 تموز/يوليو 2102.

الفئة الثانية: مطلعون على الأحداث، وهم في المقام الأول منشقون ويمكنهم الإدلاء بشهادتهم حول الوحدات العسكرية التي كانت موجودة في حمص وحماة وما حولهما في ذلك الوقت، وتورط الفرقة 11 في الهجمات، وتورط فرق أخرى في الهجمات، وأي مناطق كانت الفرقة 11 مسؤولة عنها، وكيفية تنظيم المسؤولية عن الأسلحة والحصول عليها داخل الفرقة العسكرية، والهيكلية والتسلسل القيادي داخل الفرقة 11، وماذا كانت أهمية فريق قيادة الفرقة 11 لعمل قيادة الفرقة. من بين المطلعين شخص كان سابقا فرداً من الدائرة الداخلية للرئيس بشار الأسد لسنوات عديدة.

الفئة الثالثة: شهود خبراء يمكنهم التحدث عن كيفية عمل الهيكلية العسكرية للفرقة التي تحتوي على الألوية والكتائب والوحدات الوظيفية عادة، وما هو شكل التسلسل القيادي، وتوزيع المعلومات وتقسيم المسؤوليات عادة، والمعلومات والمسؤوليات التي يملكها عادة العميد الذي يرأس وحدة التسليح في فرقة عسكرية.

الجدول الزمني للمحاكمة

ستبدأ المحاكمة في 51 نيسان/أبريل وتستمر خمسة أسابيع، بواقع جلستين إلى أربع جلسات في الأسبوع.

ستبدأ المحاكمة ببيان الوقائع الذي سيقدمه الادعاء يومي 51 و61 نيسان/أبريل، يليه المرافعة الافتتاحية لمحامي المدعي ومحامي الدفاع في 22 نيسان/أبريل.

ستُعقد جلسة الاستماع الأولى للمدعين في 22 نيسان/أبريل، تليها جلسات استماع في 32 و42 و52 نيسان/أبريل.

ستُعقد جلسة الاستماع للمتهم في 92 نيسان/أبريل.

ستُعقد الجلسة الأولى للشهود في 3 أيار/مايو، تليها جلسات استماع إضافية للشهود في 6 و7 و8 و31 و61 و71 أيار/مايو.

ستُعقد البيانات الختامية للادعاء ومحامي الدفاع ومحامي المدعي في 21 أيار/مايو، وهو تاريخ نهاية المحاكمة (المقرر).

من المرجح أن يصدر الحكم بعد بضعة أسابيع.

التقرير القادم

سيلخص التقرير القادم بيان وقائع الادعاء الذي سيتم تقديمه خلال اليومين الأولين من المحاكمة في 51 و61 نيسان/إبريل.


[1] الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 1102، موجز عن بدء النزاع المسلح غير الدولي الأولي في سوريا، أيلول/سبتمبر 0202.

[2] المرجع السابق.

[3]  باكس ومعهد سوريا، لا عودة إلى حمص – دراسة حالة حول التهجير القسري في سوريا، 31 تشرين الأول/أكتوبر 7102.

[4] الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، موجز عن بدء النزاع المسلح غير الدولي الأولي في سوريا، أيلول/سبتمبر 0202.

[5] المرجع السابق.

[6] المرجع السابق.

[7]  انظر (المرجع بالإنكليزية):

 Matthew Weaver, Battle for Baba Amr – timeline, The Guardian, 1 March 2012.

[8] تحديث شفهي للجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية. مجلس حقوق الإنسان، الدورة العشرون، 62 حزيران/يونيو 2102.

[9] باكس ومعهد سوريا، لا عودة إلى حمص – دراسة حالة حول التهجير القسري في سوريا، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2017

Tags